اضغط على اسم الفائز لتشاهد لحظة استلامه الجائزة مع نبذة عن حياته

ناجي الوصفي يفوز بجائزة شربل بعيني 2015


الفنان ناجي الوصفي

   تعرفت على الفنان ناجي امل الوصفي لأول مرة عندما زرت أحد معارضه في مدينة "باراماتا"، فوجدته كخلية نحل، يرحب بهذا، ويستقبل ذاك، ويشرح احدى لوحاته لتلك، ومع ذلك يجد الوقت الكافي ليفرز عسل ابداعه ومحبته بغزارة.
   بعدها توطدت العلاقة الاخوية بيني وبينه، وبدأ يجري المقابلات التلفزيونية مع شخصيات اغترابية يختارها بعناية فائقة، وكان عنوان برنامجه: مع ناجي.
   وان أنسى لا أنسى يوم اتصلت به لاطلب منه خدمة انسانية، ألا وهي التبرع بإحدى لوحاته الجميلة، بغية بيعها في مزاد علني، يعود ريعه لاتمام بناء كنيسة السيدة العذراء في بلدتي اللبنانية الشمالية مجدليا.
   وكم كانت دهشتي ودهشة أبناء مجدليا عظيمة، حين حمل الينا لوحة لا أقدر على وصفها بالكلمات، فلقد كانت "مدهشة".
   هنا، أثبت لي صديقي الكبير ناجي أن الفنان ليس بألوانه، وظلاله، ولوحاته، بل بكرم أخلاقه، ونصاعة كفه. فمن هو هذا الفنان الاديب المصري الكبير:   
   ولد ناجي امل الوصفي بالقرب من بحيرة الفيوم، محافظة بني سويف، مصر، في 22 أغسطس 1949. والمنجمون يُطلقون على هذا التاريخ "تاريخ سيادي". أولئك الذين ولدوا في تواريخ سيادية يصعب تصنيفهم ويصعب وضعهم في احد الأبراج التقليدية. فمن الناحية الفلكية، شخصيته لا تنتمي بالكامل إلى برج الأسد ولا إلى برج  العذراء التقليدي وإنما هي شخصية مصنوعة من مكونات خاصة فريدة مأخوذة من خارج أبراج الفلك التقليدية!
   أغسطس 1949 هو تاريخ يبعد بضعة سنتيمترات عن منتصف القرن العشرين! وهنا مرة أخرى نرى شيئا غير عادي. يمكننا أن نرمز للنصف الأول من القرن العشرين بالآلة الكاتبة والورق السائل Liquid paper؛ رمزالنصف الثاني هو بالتأكيد الكمبيوتر والهواتف المحمولة. بين الآلة الكاتبة والكمبيوتر يوجد فرق كبير. 
   بالنسبة لأولئك الذين جاؤوا إلى هذا العالم الغريب في منتصف الحقبتين، يمكن في بعض الأحيان أن تكون الحياة كابوسا، لأن العقل البشري يعمل بطريقة أسهل من خلال وضع الأشياء في إحدى خانات أرسطوطل !!! (كل مربع مكتوب عليه أسم أو تسمية لشيء محدد، مثل: الأغنام، الماعز، ليفربول، الشيوعيون؛ إرهابيون، وما إلى ذلك) فمن السهل على العقل البشري أن يتخيل شخصية تتكون من الخير فقط أو  الشر فقط؛ ومع ذلك، فإنه من الصعب جدا أن نتخيل شخصية تتكون من مجموعة متنوعة من المكونات التي تتغير باستمرار وتتطور وتكتسب حكمة عن طريق قيام الشخص بتغيير تركيز ونسب مكوناته الشخصية نتيجة للتجربة.
   بهذه المكونات الشخصية الفريدة، أكمل ناجي التعليم الابتدائي والثانوي وذهب إلى الحصول على درجة البكالوريوس في العلوم "كيمياء خاصة" من كلية العلوم، جامعة القاهرة.
   في يناير 1970، بينما كان ناجي يعرض بعضاً من لوحاته في قاعة اتحاد طلاب كلية العلوم، جامعة القاهرة، اصدر محمد أنور السادات الحائزعلى جائزة نوبل للسلام أوامر لما يسمى قوات الأمن المركزي (جيش من الجزارين باقتحام جامعة القاهرة والقبض على جميع الطلاب الذين تصادف وجودهم هناك؛ واقتحمت الدبابات والجنود المسلحون بالذخيرة الحية جامعة القاهرة وتسببوا في العديد من الأضرار والدمار واصابة عدد كبير من الطلاب الأبرياء. مشهد مئات الطلاب يسيرون بين صفين من الجنود المدججين بالسلاح وتدعمها الدبابات هو مشهد لن ينمحي من الذاكرة مهما طال الزمان. وبعد ثلاثة أيام من الاعتقال في زريبة المواشي  تم  أطلق سراح جميع الطلبة المعتقلين، إلا أنهم جميعهم تم اعتقالهم مرة أخرى بعد عام من منازلهم عند الفجر.
   في يناير 1971 أقدم محمد أنور السادات على اعتقال ناجي وعدد كبير من المثقفين والشعراء والكتاب والصحفيين، بما في ذلك الموسيقار والمطرب الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم، من منازلهم واقتيادهم إلى سجن القلعة، سجن مشدد الحراسة معروف جيدا مصر. بناء على طلب من الرئيس أنور السادات الحائز على جائزة  نوبل للسلام ، تعرض ناجي للتعذيب عقليا وجسديا لمدة 9 أشهر دون تهمة ودون محاكمة.
   بعد التخرج قادته العناية الإلهية إلى أستراليا عندما كانت أستراليا البلد المحظوظ.
   بعد بضع سنوات من الأشغال الشاقة كعامل مصنع وسائق سيارة أجرة، نجح ناجي  في امتحان NATTI ومنذ بداية عام 1980 وحتى الآن عمل ويعمل كمترجم. خلال مسيرته كمترجم، خدم كل قسم من أقسام الحكومة الاسترالية وكل شركات التأمين تقريبا وكل المؤسسات الخاصة تقريبا.
   بين عامي 1988 و2008، أطلق ناجي أمل أكثر من 10 كتب في الفلسفة والمنطق والتاريخ، ونظم 20 معرضا فنيا من منحوتاته ولوحاته الخاصة، وساعد تلفزيون الغربة  في سلسلة من المقابلات تسمى: "مع ناجي".
   في عام 2013 افتتح ناجي معرضا لمنحوتاته ولوحاته في مدينة يريفان، عاصمة أرمينيا. حضرت  كل القنوات التلفزيونية وكل الإذاعات وكل الصحف في أرمينيا المعرض وقدمت تغطية لذلك من تلقاء نفسها. كما أجرى مقابلة تلفزيونية مع قناة يركير.
  ناجي فخور بكونه مواطنا أستراليا على الرغم من كل المصاعب التي واجهها كمهاجر وكمواطن أسترالي.  
   ناجي لا يرى التمييز والمضايقات السافرة كعوائق تحول دون إتمام الاندماج مع المجتمع الأسترالي. فهو يحث جميع المهاجرين لدراسة ما حدث للسكان الاصليين وحرب الابادة التي تعرضوا لها في تازمانيا ومع ذلك حافظوا على طبيعتهم المسالمة. علينا جميعا أن نتمثل بهم.
ناجي انساني يؤمن بالسلام وهدفه هو بناء جسور بين جميع الثقافات والحضارات في العالم. 
   أفلا يستحق هذا الفنان الأديب المترجم الاعلامي جائزة شربل بعيني لعام 2015، بلى والله.
**