اضغط على اسم الفائز لتشاهد لحظة استلامه الجائزة مع نبذة عن حياته

يوسف وديع حنا يفوز بجائزة شربل بعيني ـ أبوة


لا أحد يعرفك أكثر من ابن قريتك، هكذا قال المثل اللبناني، وهكذا نقول نحن، لذلك اتصلنا بابن بلوزا البار الاستاذ أنطوان الشدياق ليخبرنا شيئاً عن ابن بلدته، الوالد الكبير السيد يوسف وديع حنّا، الذي أشعل شمعة شبابه على مذبح عائلته، فكرّمه من أجل ذلك قرّاء مجلة ليلى، وإليكم ما قال:
   وصل ابن بلدتي بلوزا السيّد يوسف وديع حنّا إلى أستراليا عام 1956، وكان قد سبقه إليها أخواه وجيه وسعيد. وفور وصوله عمل على تصليح البيوت وترميمها، إلى أن صار متعهداً في الباطون (الاسمنت)، يبني المحلات التجارية وما شابه، فأصبح لولب الحركة في هذه المهنة، فجمع حوله إخوانه، وأولاد عمّه، وعملوا سوية، يداً بيد، إلى أن أصبح كل واحد منهم قادراً على امتلاك (قالب باطون) لوحده.. فتوسعت من جرّاء ذلك أعمالهم.
   تزوج عام 1972 من صبية أحبّها حدّ الجنون، وكان اسمها ماري فخري من بشري، فرزقه اللـه منها ابناً اسماه وديع، وابنة أسماها نجلاء.. فضحكت حجارة الدار للطفلين، ولكن القدر تربّص به وحرمه شريكة عمره، وزهرة أحلامه، ورفيقة دربه، وحبه الكبير.. وما زالت في عمر الورود.
   ورغم أنه ترمّل وهو في ريعان الشباب، إلاّ أنه أقسم أن لا يتزوج بعد الحبيبة ماري، فكرّس نفسه لتربية طفليه القاصرين: وديع 6 سنوات، ونجلاء 3 سنوات، وراح يرعاهما بحنانه، فأصبح الأب والأم معاً، حتى لا يشعرهما بفقدان أمهما. كان يحضّر الطعام، ويغسل الثياب، ويأخذهما إلى المدرسة ويعود بهما إلى البيت.. وهكذا أمضى قرابة عشرين سنة يتعب في صبّ الباطون وفي أعمال المنزل.. وفي نفس الوقت يقوم بواجباته الاجتماعية على أكمل وجه.. إلى أن تحقق حلمه ورأى وحيده وديع يتخرج من الجامعة مهندساً معمارياً بدرجة ممتاز، ورأى وحيدته نجلاء تنجز علومها وتتخصص في إدارة المكاتب.
   طوال حياته لـم تفارق البسمة ثغره، وطوال هجرته لـم تهدأ له حركة، فلقد كان طموحاً ومتفائلاً للغاية.. صبر على مشقات الحياة ومصاعبها، وساعد كل من طرق باب بيته بغية العمل.   
   سعادته الدائمة متأتيّة من تواضعة، من قناعته، ومن حكمته القائلة: (الانسان لازم يشكر ربه على نعمه كل ساعة).
   يوسف وديع حنا.. عمل جهده كي يسد الفراغ الذي أحدثه غياب الأم عن بيته، عن ولديه وعن قلبه، فلعب دور الأم على أكمل وجه كي لا يشعر الصغيران بغيابها، وفي نفس الوقت لعب دور الأب والمرشد، فكان الأب العطوف والأم الحنون، فنجح خير نجاح.. وأعطى الغربة والوطن فلذتين من كبده وكبد حبيبة قلبه ماري.. يحق لنا أن نتشاوف بهما.
   يوسف وديع حنّا.. عرف كيف يتاجر بوزناته الإلهية في غربة لا ترحم، فأنعم اللـه عليه بثروتين عظيمتين: ثروة المال وثروة العائلة.. فاستحق شكرنا وتكريمنا.. واستحق جائزة الأبوة لعام 1998.
سلمه الجائزة التلميذ ماثيو سمعان.